تعلیق على محاضرة وقائع اليهود وديانتهم



أقام المنتدى الثقافي الديمقراطي بحماه محاضرة للباحث والمفكر المهندس قصي السعدي وذلك يوم الجمعة الواقع في 20 -7 -2018 بعنوان ( وقائع اليهود ) .

  • ابتدأ الباحث بتوضيح عنوان المحاضرة ( وقائع اليهود) ولماذا لم يذكر كلمة تاريخ اليهود لأنه باعتقاده أن اليهود لم يصنعوا حضارة فالتاريخ يطلق على أمة صنعت حضارة وباعتبار أنه لا توجد آثار خاصة بهم تبين وتوضح أنهم بنو حضارة لذلك لا تاريخ لهم فالتاريخ يكتب عن أمة شكلت وصنعت حضارة بينما هم عاشوا أياما ووقائع فقط . 
 
  • وهم لم يشكلوا أمة بل كانوا مشرذمين وهو يعتبر أن الشعب اليهودي الذي انجبل وترعرع وكون فكره ومن ثم عقله على معتقدات دعته لأن يربط بين الديانة والحياة التي عاشها لتصبح بعد ذلك عادات وتقاليد فشكل بذلك فلسفة خاصة به لا يفهم رموزها إلا هو ومن يدرس هذا الفكر بشكل كاف وواف يكتشف حقيقة هذا الشعب المتعجرف المتكبر . 
 
  • لقد شكلت الوقائع والديانة اليهودية عقلية متميزة لا يتميز بها إلا هذا الشعب العبري الذي يسمي نفسه ( شعب الله المختار ) لذلك لا نستطيع أن نفصل وقائع عيشه وأيامه عن الديانة في كتبه المزعومة بالقداسة كالتوراة والعهد القديم حتى أننا لا نستطيع أن نفصل الديانة عن مصادره الحياتية والأدبية والفنية والفلسفية فكل أدبياته تمزج بين حياته وديانته فهو منبع فكره أنه شعب مختلف عن كل شعوب الأرض وبناء عليه يقول الباحث بأنني لم أجد مصدراً معبراً وصادقاً يشرح التكوين النفسي والذهني لليهود أفضل من العهد القديم والتلمود لمعرفة حياة ووقائع اليهود فهو لا يسرد فقط المعتقدات الدينية ومكونات الحالة الاجتماعية والبيئية والنفسية والذهنية التي كتبوها بأيديهم بل يسرد أيضاً حياتهم وأيامهم ليعلموها لأجيالهم على شكل عقيدة وفكر من أجل متابعة المسيرة الاجرامية لأبناء جلدتهم والسير على خطاهم فأصبحت عاداتهم وتقاليدهم الاجرامية بالنسبة لهم عبارة عن عقيدة لأنها مبنية على الدين الذي زوروه بأيديهم وهذا يشكل خطورة كبيرة ليس على أنفسهم فقط بل على الانسانية .
  
  • وقد قسم الباحث محاور محاضرته إلى :
  1.  وقائع اليهود قبل ظهور السيد المسيح .
  2.  وقائع اليهود منذ ظهور المسيح وحتى ظهور الإسلام . 
  3. وقائع اليهود منذ ظهور الإسلام وحتى ظهور الحركة الصهيونية .
  4. وقائع اليهود منذ ظهور الحركة الصهيونية ودخولهم فلسطين . 
  5. وقائع اليهود منذ دخولهم فلسطين وحتى الآن . 
 
  • استفاض الباحث في شرح البدايات المبكرة لظهور اليهودية , أما في محور الصهيونية يقول : إنه من الضروري أن نبين وضع اليهود قبل بزوغ الصهيونية وبعدها ثم نوازن بين الحالتين وبعد الموازنة سيتضح لنا أن اليهود عنصريون قبل تشكيل منظمتهم الصهيونية أليسوا هم ( شعب الله المختار ) كما يدعون ؟؟؟  بل يذهب إلى أن الصهيونية هي المشروع العصري لليهود أي أنها مشروع قديم ينفذ بأدوات حديثة أو بشكل آخر تنفيذ مشروعهم الذي يهدف إلى السيطرة على العالم أو على الأقل على المناطق المحصورة بين نهري النيل والفرات بطرق وأساليب حديثة مغايرة للعقلية القديمة والأساليب القديمة مع الحفاظ على الثوابت والأفكار التي أسستها كتبهم الدينية المزعومة ويستشهد بقول الفيلسوف الألماني الصهيوني هوراس كالن ( إن الصهيونية هي إعادة فكرة القومية اليهودية على أساس مدني علماني مثل بقية القوميات الأوروبية فالحياة اليهودية هي حياة قومية يشكل الدين جزءاً منها ) وكما يقول أيضا اليهودي الصهيوني ألفريد نوسيج ( إن الصهيونية هي المشروع الوحيد لحل المسألة اليهودية للبدء بتطبيق شريعتهم وتحقيق أحلامهم التوراتية والتلمودية ). ويضيف الباحث قصي قائلاً : إننا نسمع كثيراً كلمة الشعب اليهودي في حين لا نسمع مثلا الشعب المسيحي أو الشعب المسلم حتى أننا لم نسمع بشيء اسمه الشعب البوذي ومن غير المنطقي سماع هذا الشيء لأن الديانة ليست هي كل مكونات الشعب أو الأمة بل هي جزء من مكوناته , لكننا نجدهم قد جمعوا كل مكونات الشعب في كتبهم الدينية فأتت على شكل ليس فقط ايديولوجيا , بل جاءت على شكل منهج جامع مانع . فالدين والديانة واللاهوت والمناهج اليهودية تحتوي بين طياتها جميع مكونات الشعب فنرى في كتبهم الشريعة المشتركة والفقه المشترك والتاريخ المشترك والعادات والتقاليد المشتركة والمصير المشترك .. لذا كتبت كتبهم الدينية لتشكيل شعب وليس لتشكيل دين فجاء اسمهم باسم شعب ديني أي شعب يهودي وكيف لا وهم شعب الله المختار لقد شكلت كتبهم ومناهجهم ونهجهم هذا عقلية اجرامية إرهابية لا تقبل الآخر . إضافة لاعتقادهم أن كل أرض تطؤها قدم يهودي هي من حقهم كما تقول توراتهم . وهذه الأفكار ليست أفكاراً ناتجة عن فكر بل أفكاراً ناتجة عن عقيدة ومعتقد وشتان بين العقيدة والفكر فالفكر مصدره الإنسان ومهما تطور واستمر فلا بد أن يأتي فكر آخر متطور ومن بيئة مغايرة سيخالفه أما الفكر المبني على عقيدة ترى أن مصدره من الله ومن الصعب أن يغير هذا الإنسان هذا الفكر إذا كان مقتنعاً حقاً أن مصدره هو الله واقتنع به ومن أجل ألا يغير اليهودي معتقداته إلا حين الضرورة أدعت حاخاماتهم أنهم على صلة بالله وأنه يخبرهم بكل شيء جديد يحقق آمال شعب الله المختار وتطلعاته كما أن الله لا يكلم الحاخامات فقط بل يكلم شعبه المختار عن طريقهم لذلك يرى اليهود أنفسهم أنهم أبناء الله . 
 
  • وفي ختام المحاضرة ترك المجال للحوار والأسئلة , وقد تركزت الأسئلة والمداخلات على أن صراعنا مع عدونا الصهيوني هو صراع سياسي وليس صراع ديني إنه كيان لا يتكلم التراث العبري بل يتاجر بعبريته لمزيد من تجارة الموت والانتحار لكي يقف لأية نهضة حيوية بالمرصاد خدمة لأسياده الامبرياليين الغربيين فالصهيونية تتوسل النص الديني لإسباغ الشرعية على سلوكياتها وسياستها . 
 
  • تعليق إدارة المنتدى : هل هذه المحاضرة استطاعت أن تشكل إضافة علمية لما سبق من جهود بحثية قام بها الكثيرين من المفكرين والباحثين ؟؟؟ وهل استطاع الباحث الوصول إلى فهم موضوعي بقدر الإمكان لظاهرة سلوكية تدخل في صميم الطابع القومي للشخصية اليهودية الاسرائيلية وكشف الجذور المتأصلة في تكوينها السيكولوجي وهي ظاهرة العداء للعرب بشكل خاص ؟؟ المحاضر أجاب من خلال محاضرته بأنه بحث عن جذور هذا العداء من خلال الكشف عن المكون النفسي والذهني والثقافي وهي التوراة والتلمود وكل التراث اليهودي والسؤال الذي يطرح نفسه هل يكفي الركون إلى الكتب المقدسة نموذجاً تفسيرياً لسلوك اليهود ؟؟ بالتأكيد هذا الأسلوب في البحث أدى إلى استلاب المفاهيم ونزع اليهود من سياقهم التاريخي والإنساني المتنوع وقد أدى الخضوع للتحليل الديني إلى تشيء اليهود في بعد واحد مسقطاً البعد التاريخي والإنساني المركب للظواهر اليهودية باعتبار اليهود كياناً فريداً وهذا ما جعل البحث تعميمياً وأخيراً إن الركون إلى الوثائق الدينية خطأ معرفي قاتل فأية دراسة لأي شعب أو مجتمع لا يمكن فهمه إلا من خلال إطار الدراسات الاجتماعية والاقتصادية .
 
وأخيراً السؤال الذي يحير الكثيرين هو كيف تنتصر ( اسرائيل ) بهذه العقلية العنصرية الأحادية المغلقة أشد ما يكون الانغلاق وأكثر قوقعة وجموداً عبر التاريخ البشري على الاطلاق ؟؟ طبعا الكل يعلم أن انتصاراتها كوجودها يتعلق بصيغة ارتباطها بالدول الغربية الرأسمالية.

                                                                   اعداد : رشيد ديب



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتاب الشامل لتعليم آلة العود (قصي السعدي)

كتاب الماسونية العالمية (قصي السعدي)